ما الذي يعطي الإنسان قيمته؟ بين نظرة الناس وحقيقة الإسلام
هل قيمة الإنسان تكمن في ما يملكه، في ما حققه من إنجازات، أم في الألقاب والشهادات التي يضعها أمام اسمه؟ قد تكون هذه المعايير هي التي ينظر إليها كثير من الناس، ويفرضون من خلالها مكانةً لفلان، ويحكمون على مكانة آخر بالنقص أو التهميش. لكن إذا أمعنّا النظر في هذه الأسئلة، ندرك أنها لا تعبر عن حقيقة قيمة الإنسان، بل قد تكون هذه المعايير مجرد زيف يغطي بها الإنسان نقصًا داخليًا، فيبحث عن ذاته في ما يُراكمه من أشياءٍ خارجية قد تزول في أي لحظة.
في الحياة، قد نرى من يُقدَّر ويُحترم بسبب المال، أو النفوذ، أو الإنجازات، وكأن الإنسان يُقاس بما حققه من مظاهر مادية. لكنّ الإسلام، بمنهجه الراقي، يوجهنا إلى ميزانٍ مختلف تمامًا، ميزان لا يتوقف على مظاهر الحياة، بل على أعماقها.
ميزان القيمة في الإسلام: ما يرفع الإنسان حقًا
في نظر الإسلام، قيمة الإنسان ليست محصورةً في الإنجازات أو الأموال أو عدد الأبناء، فهذه جميعها أشياء خارجية يمكن أن تذهب في لحظة. الإسلام يعلمنا أن ميزان الله يختلف عن موازين البشر، فهو لا يُعلي من شأن الإنسان بماله أو نسبه أو مظهره، بل بما يحمله في قلبه من تقوى وخشية لله، وبما يقدمه من خير وصلاح للآخرين.
يقول الله تعالى: ” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات: 13)
وهذا هو الميزان الحقيقي الذي يُعلي الإنسان عند الله، وليس ما يملكه أو ما أنجزه من أمور دنيوية زائلة.
إن الإسلام يعلّمنا أن قيمة الإنسان تتحدد بأخلاقه، بأمانته، بصدق نيته، وبتقواه. ويُذكرنا نبيُّنا الكريم محمد ﷺ في الحديث الشريف:
“لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى”.
هذه المبادئ تهدم كل معايير التفريق بين البشر بناءً على مظاهرهم أو إنجازاتهم المادية، وتضع معيارًا أسمى وأبقى للإنسانية، معيارًا لا يتأثر بالزمن أو بتغير الأحوال.
التعامل مع الآخرين برؤية إسلامية
إذا أدركنا هذا الميزان، فكيف يجب أن نتعامل مع الناس من حولنا؟ يُوجّهنا الإسلام إلى التعامل بتواضع وعدل، فلا ننظر لأحد باستعلاء بسبب مركزه أو ماله، ولا نحتقر أحدًا لنقصٍ ظاهري قد نراه. يجب أن نحترم الجميع على أساس ما في قلوبهم من صلاح، وأن نتعامل برفق وعدل مع الآخرين، تذكرًا بأن الله وحده يعلم السرائر.
إننا مدعوون للنظر إلى الناس بما يقدّمونه من خير، بما يحملونه من نوايا صادقة، وبما يملكونه من تقوى، وليس بما يجمعونه من أمور زائلة. فكل إنسان، مهما كان مظهره أو حاله، يستحق الاحترام والتقدير، لأن الله قد كرمه وجعل له قيمة في هذا الكون.
خاتمة: كن إنسانًا بقيمك لا بممتلكاتك
خلاصة القول، إن قيمة الإنسان في الإسلام ليست مرتبطة بما يحققه من مال أو منصب، بل بما يحققه من صفاء قلبه وإخلاص نيته لله. إن الإسلام يرفع الإنسان بأخلاقه وتقواه، وليس بمظاهره، ويعلّمنا أن نحترم الجميع لكونهم بشرًا، فالناس سواسية عند الله. لذلك، لنكن أصحاب قيم راسخة ومبادئ عالية، ولنترك أثراً طيباً في هذه الدنيا بما نقدمه من خير للناس، فهذه هي القيمة الحقيقية للإنسان.