عام

ترتيب الأولويات بين الدنيا والآخرة

في عالم اليوم، أصبح العمل جزءًا مقدسًا من حياة الإنسان، فنرى منشورات على منصات مثل “لينكد إن” تشجع على العمل لساعات طويلة وبذل كل الجهد للتقدم المهني والحصول على ترقية، أو زيادة الأجر، أو الشعور بالكفاءة. لا بأس في ذلك، فالعمل وسيلة لتحصيل الرزق وقد أمرنا الله بالسعي.


قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}

(سورة الملك، الآية 15).

لكن إذا نظرنا إلى الواجبات الدينية، يبرز تساؤل مهم: لماذا نكسل عن أداء الفروض في وقتها؟ لماذا نجد صعوبة في تخصيص وقت لتلاوة القرآن يوميًا؟ كيف نستطيع بذل كل هذا الجهد في العمل، بينما نبخل بوقتنا وجهدنا على عبادات تمنحنا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت؟ فالعمل الدنيوي مهما بلغ من النجاح، فإنه لا يعادل أجر الآخرة. يقول الله تعالى: {وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (سورة المطففين، الآية 26).

في نهاية المطاف، عملك الدنيوي يمنحك رزقًا جيدًا لتعيش حياة كريمة، لكن الأعمال الصالحة تمنحك ما هو أعظم بكثير. أليس السعي لأجل رضا الله والفوز بجنته أهم وأعظم من المال والنفوذ؟

كثيراً ما نسمع عن مصطلح “إثبات الذات”، لكن لمن نثبت ذاتنا؟ ومنذ متى كان العمل سوى وسيلة لتحقيق الكفاية والنفوذ؟ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من كانت الآخرة همه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له” (رواه الترمذي). فالحديث النبوي يضع الأولويات في نصابها؛ الدنيا ليست سوى محطة، بينما الآخرة هي دار القرار.

ما نحتاج إليه حقًا هو إعادة ترتيب الأولويات. العمل مهم، ولكن العبادة هي الأهم. إن التوازن بين العمل والعبادة هو الذي يعيد للحياة معناها. فلا ينبغي أن يعيش الإنسان في دوامة العمل وحده، متناسياً أن الله خلقه لأجل هدف أعظم.

قال الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}

(سورة القصص، الآية 77).

فلنحرص على أن تكون الدنيا في أيدينا، والآخرة في قلوبنا، فنحقق التوازن بين السعي الدنيوي والهدف الأسمى الذي هو رضا الله والفوز بجنته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى