النفسعام

معركة النفس الأمارة بالسوء

النفس، أمارة بالسوء، إلا من رحمهم الله. قال الله في محكم كتابه: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} (سورة يوسف، الآية 53). نحن كبشر معرَّضون في حياتنا اليومية لخطط تحاك ضدنا من الشيطان، والقرين، والنفس الأمارة بالسوء، والفتن من حولنا، وكلها تهدف إلى دفعنا نحو المعاصي والمنكرات.


تخيّل معي هذا السيناريو: جاءتك فكرة لمعصية أو فعل سوء، وفطنت إلى هذه الفكرة فورًا، واستعذت بالله من الشيطان الرجيم لقوله تعالى: {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (سورة الأعراف، الآية 200). استعذت بالله مرات ومرات، وصرف الله عنك الشيطان وشروره، لكن يبقى عدو آخر يجب عليك أن تحاربه، وهي النفس الأمارة بالسوء.

النفس، تلك القوة الداخلية التي تجذبك نحو الشهوات والمعاصي، هي أشد الأعداء لأنها من داخلك، هي أفكارك، عقلك، وأفعالك. فكيف تحارب نفسك؟ هنا تحتاج إلى التضرع والدعاء أن يقويك الله على نفسك، فلا نصر في هذه المعركة إلا بمعونة الله. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه” (رواه الترمذي).

لكن، ماذا إذا تغلبت عليك النفس ووقعت في المعصية؟ هذا وارد جدًا، فنحن بشر، وكلنا نخطئ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون” (رواه الترمذي). فإذا وقعت في الذنب، فماذا عليك أن تفعل؟

  1. التوبة والاستغفار: أول ما يجب فعله هو الرجوع إلى الله بالتوبة الصادقة والاستغفار. قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة النور، الآية 31). فالتوبة تفتح أبواب الرحمة، والله يقبل التوبة من عباده مهما عظمت ذنوبهم.
  2. العزم على عدم العودة: التوبة ليست مجرد كلمات، بل يجب أن تصاحبها نية صادقة بعدم العودة إلى الذنب، والندم على ما فات. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الندم توبة” (رواه ابن ماجه).
  3. الإكثار من العمل الصالح: العمل الصالح هو طريق التقرب إلى الله ومحو الذنوب. قال الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (سورة هود، الآية 114).
  4. الدعاء واللجوء إلى الله: كما أنك استعذت بالله من الشيطان، عليك أن تدعو الله دائمًا أن يثبتك على الطاعة، ويبعد عنك الفتن. يقول الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (سورة غافر، الآية 60). والدعاء هو وسيلة المؤمن في كل وقت، به يتحصن من الشيطان والنفس والفتن.

الخلاصة:
المعركة مع النفس والشيطان معركة يومية، قد تغلبهم أحيانًا وقد يغلبونك أحيانًا، لكن المهم أن تظل مستعينًا بالله، تائبًا ومستغفرًا. قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا أذنب عبدٌ ذنبًا فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، قال الله: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي” (رواه البخاري). فلا تيأس أبدًا من رحمة الله، بل كن دائم التوجه إليه، فهو الرحمن الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى