عام
الحفاظ على الإيمان وتجديده
قد تمر عليك أوقات تشعر فيها بالقرب الشديد من الله، وكأن الدنيا لا تعني لك شيئًا سوى أن تعيش وتموت على هذا الشعور الجميل من الإيمان. ولكن من المهم أن ندرك أن هذا الشعور لا يبقى ثابتًا، فالإيمان يتقلب، والقلوب تتغير. تارة تشعر بالسكينة والطمأنينة، وتارة قد تشعر بالملل والفتور، وهذا جزء من طبيعة الإنسان. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الإيمانَ ليَخلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يَخْلَقُ الثوبُ، فاسأَلوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم” (رواه الحاكم).
الصراع مع النفس الأمارة بالسوء، ووساوس الشيطان، هو معركة مستمرة في الخفاء. ولذا علينا أن نحرص على تجديد إيماننا باستمرار حتى لا ينطفئ هذا النور في قلوبنا. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (سورة النساء، الآية 136)، فالدعوة للإيمان متجددة لأن الإنسان بحاجة دائمة لتقوية علاقته بربه.
كيفية الحفاظ على الإيمان وتجديده:
- المداومة على ذكر الله: يقول الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (سورة الرعد، الآية 28). الذكر من أعظم الأسباب التي تجدد الإيمان وتزيل القلق والهم.
- قراءة القرآن وتدبره: القرآن هو كلام الله، وهو المصدر الأول للإيمان. قال الله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} (سورة الإسراء، الآية 9). قراءة القرآن وتدبر معانيه يجدد الإيمان ويزيده.
- صحبة الصالحين: النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل” (رواه الترمذي). وقال صلى الله عليه وسلم: “مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير…” (رواه البخاري ومسلم). مصاحبة أهل الخير من أهم وسائل الحفاظ على الإيمان، فالصحبة الصالحة تذكرك بالله وتحفزك على الطاعة.
- الدعاء: الدعاء هو صلة بين العبد وربه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم كثير الدعاء قائلاً: “يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك” (رواه الترمذي). فلا تغفل عن الدعاء لله أن يجدد إيمانك ويثبتك على طاعته.
- التوبة والاستغفار: قال الله تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة النور، الآية 31). التوبة الصادقة والاستغفار الدائم يجددان الإيمان ويطهران القلب من الذنوب التي تضعف الإيمان.
- التقرب إلى الله بالنوافل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه…” (رواه البخاري). فالتقرب إلى الله بالنوافل والأعمال الصالحة يزيد الإيمان ويجدد العلاقة مع الله.
أسباب ضياع الإيمان وزواله:
- التعلق بالدنيا والشهوات: قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (سورة البقرة، الآية 200). التعلق الزائد بالدنيا والمغريات يبعد الإنسان عن الله ويضعف إيمانه.وقال الله تعالى: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} (سورة الحجر، الآية 3). الغفلة عن الدين والانشغال بملذات الدنيا والغفلة عن الآخرة يؤدي إلى ضعف الإيمان وتلاشيه تدريجياً.
- الإهمال في العبادات: الإهمال في الصلاة والصيام وسائر العبادات يُضعف الصلة بين العبد وربه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر” (رواه الترمذي).
- الانغماس في الذنوب والمعاصي: قال الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ} (سورة المطففين، الآية 14). الذنوب والمعاصي تغطي القلب وتمنع نور الإيمان من الوصول إليه. كلما زاد الإنسان في المعصية، زاد قلبه قسوة وابتعد عن الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكتت في قلبه نكتة سوداء…” (رواه الترمذي).
- صحبة السوء: مصاحبة أهل الفساد والبعد عن الصالحين من أكثر الأسباب التي تؤدي إلى ضياع الإيمان. فالصحبة تؤثر بشكل كبير على الإنسان.