الغفلة والضياع في مواجهة الحقيقة
انظر إلى هذه السفينة الضخمة (الصورة المرفقة) التي تشق طريقها في عرض البحر، وعلى متنها احتفال صاخب، أضواء براقة، رقص ولهو يملأ المكان. لكن إذا أمعنت النظر، ستلاحظ أن هناك نيراناً تشتعل في قلب السفينة، والناس حولها غارقون في غفلتهم. يواصلون الرقص والاحتفال دون أن يلتفتوا إلى الخطر الذي يحيط بهم. السفينة تمضي في البحر، والنار تلتهمها شيئاً فشيئاً، وما هي إلا لحظات حتى تشتعل النار في كل مكان، وتتحول الفرحة إلى كارثة، ولن يكون هناك منقذ. لن تكون هناك فرصة للنجاة.
هذا المشهد المأساوي يمثل الغفلة التي نعيشها في هذه الدنيا. نحن نلهو وننشغل بملذات الحياة، نغرق في تفاصيلها اليومية وننسى الحقائق المصيرية التي تحيط بنا. نرى النذير من حولنا، نرى علامات التحذير، لكننا نغض الطرف عنها ونستمر في السير على حافة الهاوية، غافلين عن العواقب. مثلما في هذه السفينة، النار بدأت صغيرة، ولكن تجاهلها أدى إلى كارثة كبرى. وما هي إلا لحظات حتى يشتعل كل شيء، وتبتلع الأمواج الجميع، ولا أحد سيأتي لإنقاذهم.
قال الله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} (سورة الأنبياء، الآية 1). وهكذا هو حال الكثيرين، يغرقون في غفلتهم، يعيشون للحظة ولا يفكرون في العواقب. لكن الغفلة لن تدوم طويلاً، وفي النهاية، النار ستلتهم السفينة، والموج سيغمر كل من عليها.
إنه تحذير لنا جميعاً، أن نستيقظ من غفلتنا قبل فوات الأوان. النار ليست بعيدة، والموج يقترب، والوقت ليس في صالحنا. علينا أن نواجه الحقائق المصيرية، ونعيد التفكير في حياتنا وما نفعله فيها، قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم.