التوبةمن وحي حياتنا

“بينما يقترب الخطر من كل جانب، يظل الإنسان مغمورًا في وهم الأمان.”

في حياتنا اليوم، نرى بعض البشر يعيشون في غفلة عن المصائب والكوارث التي تحيط بهم، كأنهم في عالم آخر، غير مبالين بالإشارات الواضحة والأمارات الصارخة التي تدل على قرب التغير. هم يواصلون حياتهم الطبيعية، كما لو أن كل شيء ثابت ولن يتغير، لكن الحقيقة خلاف ذلك.


الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: “أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ۚ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ” [الأعراف: 99]. كيف يأمن الإنسان أن يبقى كل شيء على حاله؟ كيف يغفل عن تقلبات الدنيا التي جعلها الله ابتلاءً واختباراً لعباده؟ فكل شيء حولنا في تبدل وتغير، والراحة التي يعيشونها اليوم قد تتحول في أي لحظة إلى مصيبة لا تُحمد عواقبها.

رسول الله صلى الله عليه وسلم حذّرنا من الغفلة، فقال: “اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك”. هذه الحياة التي يعتادونها اليوم، لن تبقى على ما هي، وما يظنه البعض من استقرار هو في الحقيقة لحظة عابرة في سلسلة الأحداث التي لا تتوقف.

نعم، قد يكون الكلام مرعبًا، ولكنه الحقيقة التي لا مفر منها. الحياة ليست دائمة ولا ثابتة، والإنسان الذي لا يعتبر بما حوله، سيأتي عليه يومٌ يوقظه من غفلته، ولكن قد يكون الأوان قد فات. الله سبحانه وتعالى يقول: “وَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ” [المؤمنون: 54]، فالأمر ليس دائمًا كما يبدو، وكل شيء سيتغير بقدرة الله، ولن يبقى شيء على حاله.

علينا أن نستيقظ من غفلتنا، وأن نعي أن الدنيا دار ممر وليست دار قرار، وأن نلتفت إلى ما يحمله لنا الغد، وأن نستعد للقاء الله بالتوبة والعمل الصالح قبل أن يفاجئنا الموت أو تقع الكارثة التي لا رجعة منها. “إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ” [طه: 15].

فلا ينبغي لنا أن نعيش في غفلة، مستمتعين بالدنيا وكأنها لن تزول، بل علينا أن نأخذ العبرة من التحذيرات التي حولنا، وأن نكون مستعدين للتغير الذي لا مفر منه، فالتوبة والإصلاح هما السبيل الوحيد للخروج من هذه الغفلة. “فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ” [الذاريات: 50].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى